11 - 05 - 2025

مؤشرات| المحليات أهم من وهم "إهانة الرموز"

مؤشرات| المحليات أهم من وهم

سألني المذيع خلال لقاء تلفزيوني أيهما أهم في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها مصرنا، إنشغال البرلمان في دورة الإنعقاد المقبل بقانون المحليات، أم قانون ما أُطلق عليه " تجريم إهانة الرموز والشخصيات التاريخية"؟!.

المؤكد أن الفرق واضح بين هدف القانونين، فالمحليات يهم كل الناس، ويضع حداً لحالة الفراغ في الحكم المحلي التي نعيشها منذ ثورة 25 يناير وما تلاها، أما الضجة حول مشروع قانون " تجريم إهانة الرموز والشخصيات التاريخية"، المقصود منه تجريم لحالات وهمية، وربما يفتح علينا باب لا يمكن أن نغلقه حول من هو "الرمز التاريخي".

أشعر من خلال مناقشات وتصريحات مجلس النواب خلال دورة الإنعقاد الماضية بعدم وجود حماس رسمي، ولا حتى برلماني لقانون المحليات، بالرغم من أهميته للحياة السياسية والخدمية في البلاد، فلا شك أن غياب الرقابة على القطاع المحلي ساهم في تفشي الفساد بشكل محلوظ، فخلال أقل من عام تم ضبط أكثر من 8 رؤساء أحياء في قضايا فساد ورشوة، ولا ننسى هنا قضية محافظ المنوفية، ونائبة محافظ الإسكندرية، واللذان تم ضبطهما متلبسين بالصوت والصورة في قضايا رشوة، بخلاف عشرات الموظفين والمهندسين في الأحياء المتهمين في قضايا فساد وإفساد.

لا أعرف لماذا هذا الصمت من جانب الدولة والبرلمان لإنجاز قانون المحليات، تمهيدا لإجراء انتخابات المجالس المحلية وما يلي ذلك، فقد مللنا من التصريحات على شاكلة ما قاله ويقوله الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أن قانون الإدارة المحلية الجديد سيرى النور خلال الفترة القريبة المقبلة، وأن انتخابات المحليات ستُجرى قبل نهاية 2018، فها هو العام يقترب من الإنتهاء ومجلس النواب مازال في إجازته السنوية، ولا أحد يستطيع أن يُجزم بموعد محدد لنرى "نور هذا القانون" الذي يواجه ولادة متعثرة.

فالسؤال المهم، هل الدولة غير راغبة في وجود مجالس محلية، ولا حتى انتخابات في هذه المرحلة، كما يُشيع البعض ذلك، أم أن الدولة، ترى مقولة "يفيكم وجود مجلس نواب"، والذي مازال عليه ملاحظات في أدائه، بل هو مُغيّب كليا في كثير من القرارات، التي تصدرها الحكومة، خصوصا تلك التي تتعلق ببرنامج الإصلاح الإقتصادي ضمن الإنفاق مع صندوق النقد الدولي.

قد يرى البعض أن قانون المحليات ووجود المجالس المحلية لا معنى له، ولن يقدم شيئا، في ظل ساسية "الصوت الواحد"، ولكن الرد أن عدم وجود المحليات يعطي الفرصة لاتساع دائرة الفوضى والفساد والنهب، فطالما أن مشروع القانون جاهز وأعدته وناقشته لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، فلماذ يتم تعطيله، وما هو تخوف الدولة من وجود المحليات، إذا كان ذلك دقيقا؟!.

فالبلاد بدون "محليات" منذ قرار الحكومة بحلها عام 2011، ولم تشهد البلاد منذ ذلك إجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية، فأهميتها مطلوبة خصوصا مع محاولات الدولة محاربة الفساد الادارى والقضاء على الروتين، كما أن استمرار الدولة بدون محليات له تأثير كبير على قدرتها فى محاربة الفساد، بخلاف أن غياب دورها أدى إلى انتشار الفساد بشكل كبير، وهو ما تؤكده تقارير وأعمال الرقابة الإدارية على مدار السنوات الأخيرة.

ومن هنا أؤكد أن خروج "قانون المحليات" للنور، أهم بكثير من وهم يُسمى حماية الرموز من الإهانة، الأمر الذي يتطلب تشريع قانون يحميهم، والأمر الذي تحوّل لحقيقة بإحالة الدكتور على عبد العال خلال دور الانعقاد الماضى مشروع القانون بهذا الشأن للجنة مشتركة من لجنتى الشئون الدستورية والتشريعية والإعلام والثقافة والآثار.

والهدف من ذلك حماية الرموز والشخصيات التاريخية من العبث وعدم خداع الشعب بتشوية صورتهم، وحظر التعرض بالإهانة لأى من الرموز والشخصيات التاريخية، ومعاقبة من يقوم بذلك بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف، وتزيد من العودة.

والسؤال الأهم هنا هل نضمن أن يأتي يوما من يقيم دعوى ضد من ينتقد أو يتحدث عن شخصية كانت تاريخية في وقت ما، بالرغم من أن هؤلاء يقعون ضمن  قوائم من قتل وروع واختلص وخان الوطن!!، مجرد سؤال.. أفيقوا أيها النيام، فالأولويات مهمة.
 -------------

بقلم: محمود الحضري 

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش